الهجرة والعمل في البرتغال
في السنوات الأخيرة، أصبحت البرتغال وجهة شعبية للمهاجرين من العرب والأجانب. يعود ذلك إلى مناخها المعتدل، مناظرها الطبيعية الجميلة، والتسهيلات المقدمة في الإقامة والعمل، إضافة إلى تكلفة المعيشة المعقولة مقارنة بدول مثل ألمانيا وفرنسا.
يقدم هذا المقال نظرة شاملة على الهجرة والعمل في البرتغال من وجهة نظر من عاش التجربة أو بحث باستفاضة في هذا المجال.
لماذا البرتغال؟
1. جودة الحياة:
تُعرف البرتغال بأنها واحدة من الدول الأوروبية الأكثر ترحيبًا بالمهاجرين. ستشعر بذلك من خلال تعامل الناس وبساطة الحياة والأمان الاجتماعي فيها. تضم العاصمة لشبونة ومدن أخرى مثل بورتو وفارو مزيجًا بين الثقافة الأوروبية العريقة والحداثة.
2. تكلفة المعيشة:
البرتغال من أقل الدول تكلفة في أوروبا الغربية. الإيجارات منخفضة خاصة خارج المدن الكبرى، كما أن تكاليف الطعام والمواصلات والخدمات الأساسية معقولة مقارنة بدول كالنمسا أو السويد.
3. المناخ:
مناخ البرتغال معتدل طوال العام، مع شتاء غير قاس وصيف مشمس وهادئ، مما يجذب المتقاعدين إليها.
طرق الهجرة إلى البرتغال:
1. تأشيرة العمل:
إذا حصلت على عرض عمل من شركة برتغالية، يمكنك التقديم للحصول على تأشيرة إقامة للعمل. المطلوب تقديم:
- عقد العمل
- جواز سفر ساري
- سجل جنائي نظيف
- إثبات مكان السكن وتأمين صحي
بعد التأشيرة، يمكنك طلب تصريح إقامة مؤقت يُجدد سنويًا، وبعد 5 سنوات التقديم للإقامة الدائمة أو الجنسية.
2. تأشيرة البحث عن عمل:
أطلقت البرتغال مؤخرًا تأشيرة تتيح الإقامة لمدة تصل إلى 6 أشهر للبحث عن وظيفة، بشرط إثبات القدرة المالية والإقامة.
3. الهجرة عن طريق الدراسة:
يمكنك الالتحاق بالجامعات البرتغالية، ومع انتهاء دراستك يمنحك القانون فرصة البحث عن عمل، وبعد الحصول على وظيفة يمكنك تحويل وضعك إلى تأشيرة عمل.
4. تأشيرة D7:
تعرف بتأشيرة الدخل السلبي وتناسب المتقاعدين أو من لديهم دخل ثابت خارجيًا، كما تصلح لأصحاب الأعمال الحرة أو المهن عن بعد.
سوق العمل في البرتغال:
1. المهن المطلوبة:
تعاني البرتغال من نقص في بعض التخصصات مما يفتح فرصًا للوافدين، خاصة في:
- المهن الطبية
- تكنولوجيا المعلومات
- البناء
- الضيافة والسياحة
- الزراعة
2. متوسط الرواتب:
الحد الأدنى للأجور حوالي 850 يورو شهريًا لعام 2025. رواتب مجال IT تتراوح من 1500 إلى 3000 يورو. أما العاملون في السياحة والزراعة يُعتبر دخلهم أقل نسبياً لكنه يكفي لتغطية الضروريات.
3. اللغة:
اللغة البرتغالية ضرورية للاندماج والحصول على فرص عمل أفضل محليًا. في المجالات التقنية والسياحية، قد تكفي الإنجليزية مؤقتًا.
رابعًا: الإقامة والاندماج
1. الحصول على تصريح الإقامة:
عند الدخول إلى البرتغال بتأشيرة قانونية سواء للعمل أو الدراسة، يمكن التقديم للحصول على تصريح إقامة مؤقت. عادةً ما يُمنح هذا التصريح لمدة سنة، مع إمكانية تجديده حتى 5 سنوات. بعد انتهاء هذه الفترة، يصبح من الممكن طلب الإقامة الدائمة.
2. اكتساب الجنسية البرتغالية:
بعد قضاء 5 سنوات من الإقامة القانونية في البرتغال، يصبح للمقيمين الحق في طلب الجنسية بشرط اجتياز اختبار بسيط يشمل اللغة والثقافة البرتغالية، وألا توجد أي قضايا قانونية تعيق ذلك.
3. الاندماج في المجتمع:
المجتمع البرتغالي يتسم بالتسامح والانفتاح، إذ يضم نسبة ملحوظة من الأجانب خصوصًا القادمين من البرازيل وأفريقيا، بالإضافة إلى ازدياد أعداد المهاجرين من المنطقة العربية مؤخرًا. كما توجد مراكز ثقافية وجمعيات تقدم الدعم للمهاجرين لتسهيل عملية اندماجهم.
خامسًا: العقبات والتحديات المحتملة
1. تحدي اللغة:
كما ذكر سابقًا، فإن اللغة قد تشكل صعوبة في البداية لمن لا يلمّون بها. لذلك يُفضل الالتحاق بدورات لتعلم اللغة أو استخدام تطبيقات تعليمية تساعد على إتقانها.
2. الإجراءات البيروقراطية البطيئة:
قد تستغرق عملية استخراج الوثائق أو تجديد الإقامة وقتًا أطول مما هو متوقع بسبب البطء الإداري المعروف. لذا ينصح بالتحلي بالصبر والبدء بالإجراءات مبكرًا لتجنب التأخير.
3. سوق العمل المحدود:
رغم وجود فرص عمل، إلا أن الاقتصاد البرتغالي يعتبر أصغر نسبيًا مقارنة بدول أوروبية مثل ألمانيا أو فرنسا. هذا يجعل المنافسة على الوظائف أكثر شدة ويتطلب وجود كفاءة أو مهارات مؤهلة ومطلوبة.
سادسًا: تجارب واقعية
من خلال ملاحظاتي وتجربتي الشخصية في الهجرة إلى دول أوروبية، لاحظت أن كثيرًا ممن اختاروا الاستقرار في البرتغال أبدوا ارتياحًا كبيرًا بسبب المناخ المعتدل، الأمان النسبي، وسهولة الإجراءات المتعلقة بالإقامة مقارنة بدول أوروبية أخرى. بعضهم بدأ مشاريع صغيرة في مجالات مثل الضيافة أو الحرف اليدوية ونجحوا في بناء حياة مستقرة، بينما واجه آخرون صعوبات أولية، خاصةً إذا لم يكونوا مستعدين نفسيًا أو لغويًا للاندماج.
سابعًا: موارد رسمية موصى بها
للراغبين الجادين في الهجرة إلى البرتغال، يمكن الاستفادة من المصادر التالية:
- دائرة الهجرة والحدود البرتغالية (SEF):
الموقع الرسمي لجميع المعلومات المرتبطة بأنواع التأشيرات وتصاريح الإقامة:
https://www.sef.pt
- بوابة المهاجرين الرسمية في البرتغال (Portal do Imigrante):
يوفر معلومات شاملة عن حقوق وواجبات المهاجرين باللغتين الإنجليزية والبرتغالية:
https://www.acm.gov.pt
- منصة البحث عن فرص العمل الأوروبية (EURES):
مصدر مثالي للبحث عن وظائف داخل البرتغال ودول أوروبا الأخرى:
https://ec.europa.eu/eures
أنواع تأشيرات الهجرة إلى البرتغال
تقدم البرتغال مجموعة متنوعة من خيارات التأشيرات التي تلبي احتياجات المهاجرين المختلفة وفقًا لظروفهم. فيما يلي أبرز أنواع التأشيرات:
1. تأشيرة العمل: تُتيح هذه التأشيرة لحاملها العمل في البرتغال، وتشترط وجود عقد عمل ساري المفعول مع صاحب عمل مقيم في البرتغال.
2. تأشيرة الزواج: يمكن الحصول على هذه التأشيرة إذا كان المتقدم متزوجًا من مواطن برتغالي أو شخص يحمل الإقامة الدائمة في البرتغال، مما يتيح الإقامة القانونية.
3. تأشيرة الدراسة: مخصصة للطلاب الراغبين في متابعة تعليمهم في البرتغال، حيث يمكنهم التقدم للحصول عليها لاستكمال دراستهم.
4. تأشيرة لم الشمل العائلي: تتيح هذه التأشيرة للشخص الانضمام إلى أفراد عائلته المقيمين في البرتغال، وذلك لتقريب المسافات بين أفراد الأسرة.
5. تأشيرة الاستثمار: تُمنح للأفراد الذين يقومون باستثمار مبالغ مالية كبيرة أو يشترون عقارات داخل البرتغال، وتعد خيارًا جذابًا للراغبين في الحصول على الإقامة عبر المساهمة الاقتصادية.
شروط الهجرة إلى البرتغال
تعتمد بشكل كبير على نوع التأشيرة التي تسعى للحصول عليها، حيث تختلف المتطلبات تبعًا للغرض من الإقامة. ومع ذلك، هناك مجموعة من الشروط الأساسية المشتركة التي يجب الالتزام بها في معظم الحالات، وهي:
1. جواز سفر ساري المفعول: ضرورة امتلاك جواز سفر صالح يغطي مدة الإقامة التي تخطط لها في البرتغال.
2. توفير تأمين صحي: يتعين عليك الحصول على تأمين صحي يضمن تغطيتك طوال فترة وجودك في البلاد.
3. إثبات الدعم المالي: تقديم مستندات تُظهر امتلاكك موارد مالية كافية لتغطية تكاليف المعيشة في البرتغال، مثل كشوف حساب بنكية أو شهادات مالية.
4. إثبات المهارات اللغوية: في بعض الأحيان، قد يُطلب منك تقديم شهادة تثبت إلمامك باللغة البرتغالية أو الإنجليزية، حسب نوع التأشيرة والغرض من الهجرة
إيجابيات الهجرة إلى البرتغال بالنسبة للعرب:
- سهولة الإجراءات مقارنة بدول أوروبية أخرى:
البرتغال تُعرف بأنها أكثر مرونة في استقبال المهاجرين، خاصة عبر تأشيرات مثل D7 أو من خلال عقود العمل.
- تكلفة معيشة معقولة:
أسعار السكن، المواصلات، والطعام أقل مقارنة بدول كألمانيا أو فرنسا. حتى الحد الأدنى للأجور يمكن أن يغطي احتياجاتك إذا كنت تدير أمورك بشكل معتدل.
- شعب ودود ومتسامح:
البرتغاليون يتعاملون بود واحترام مع الأجانب، والعرب ليسوا استثناءً في ذلك، حيث تقل لديهم الأحكام المسبقة.
- لغة أسهل للتعلم:
اللغة البرتغالية أبسط من الألمانية أو الهولندية، خصوصًا لمن لديهم خلفية في الفرنسية أو الإسبانية.
- طقس معتدل:
المناخ يشبه بلدان المغرب العربي؛ شتاء لطيف وصيف دافئ، ما يجذب العرب الذين يفضلون البُعد عن برودة الشمال.
- فرص الإقامة والجنسية:
بعد 5 سنوات من الإقامة القانونية، يمكن التقديم على الجنسية البرتغالية، على الرغم من أن بعض الدول العربية لا تسمح بازدواجية الجنسية.
- وجود جالية عربية وإسلامية:
تتوفر في مدن رئيسية مثل لشبونة وبورتو مساجد، مطاعم تقدم الأطعمة الحلال، ومتاجر عربية، مما يساعد في الحفاظ على العادات والتقاليد.
سلبيات الهجرة إلى البرتغال:
- سوق العمل محدود:
فرص العمل ليست بتنوع دول كألمانيا أو كندا، كما أن الرواتب أقل وفرص الترقية محدودة، خاصة في البداية.
- صعوبة الحصول على عقد عمل من الخارج:
الشركات غالبًا تفضل توظيف من هم موجودون داخل البلاد، مما يدفع البعض للهجرة عبر تأشيرات أخرى قبل البحث عن عمل.
- تحديات اللغة في البداية:
رغم انتشار اللغة الإنجليزية بين بعض البرتغاليين، إلا أن الكثير من الوظائف تتطلب إتقان البرتغالية، مما يجعل تعلمها ضروريًا للاندماج.
- بيروقراطية وبطء إداري:
إجراءات مثل تجديد الوثائق أو حجز مواعيد قد تستغرق وقتًا طويلًا.
- قلة الدعم الحكومي في البداية:
الدعم المادي الحكومي للمهاجرين الجدد محدود نسبيًا مقارنة ببعض الدول الأوروبية الأخرى، باستثناء حالات اللجوء أو بعض الحالات الخاصة.
طرق سهلة للهجرة إلى البرتغال للعرب:
1. تأشيرة الدخل السلبي (D7 Visa):
هذه الطريقة تعد من الأسهل للهجرة وتناسب من لديهم دخل ثابت مثل التقاعد أو العمل الحر عبر الإنترنت.
الشروط الأساسية:
- دخل شهري ثابت لا يقل عن 820 يورو للفرد.
- حساب بنكي يغطي تكاليف العيش لمدة عام كامل.
- مكان إقامة مؤقت أو دائم داخل البرتغال.
2. تأشيرة البحث عن عمل:
تسمح لك بالدخول إلى البرتغال لمدة تصل إلى 6 أشهر للبحث عن وظيفة.
الشروط:
- إثبات القدرة المالية.
- جواز سفر ساري المفعول.
- خطة مدروسة للبحث عن العمل.
3. الهجرة عن طريق عقد عمل من شركة برتغالية:
البحث عبر منصات مثل EURES وLinkedIn يمكن أن يوفّر فرص عمل، خصوصًا في مجالات مثل البناء، المطاعم، الزراعة، تكنولوجيا المعلومات، والقطاع الصحي.
4. الدراسة في البرتغال:
التسجيل في الجامعات أو المعاهد البرتغالية يُعتبر خيارًا جيدًا يتبعه إمكانية التحويل لتأشيرة عمل بعد الحصول على وظيفة. تكلفة الجامعات الحكومية مناسبة وغالبًا ما تتوفر برامج بالإنجليزية في بعض التخصصات.
5. ريادة الأعمال أو فتح مشروع صغير:
يمكنك الهجرة كمسثمر أو عبر تأسيس مشروع صغير (كافتتاح مطعم أو محل تجاري) إذا كنت تمتلك رأس مال بسيط وتسعى للاستقلال المهني.
نصائح وإرشادات مهمة
البرتغال تُعتبر وجهة مميزة للعرب نظرًا لطبيعة المناخ، انخفاض التكاليف، وودّية الناس.
إذا لم يكن لديك عقد عمل، يمكنك التقديم على تأشيرة D7 أو تأشيرة البحث عن عمل كبدائل.
تعلم اللغة البرتغالية سواء قبل سفرك أو بعد الوصول؛ فهي عامل أساسي لتحقيق النجاح هناك.
كن واقعيًا، فالرواتب ليست مرتفعة جدًا، لكن مستوى جودة الحياة يعوّض ذلك.
قم بالتخطيط الجيد، وابدأ الإجراءات من خلال المصادر الرسمية لتفادي أي تعقيدات.
روابط مهمة:
الهجرة إلى البرتغال – https://www.sef.pt
معلومات التأشيرات – https://vistos.mne.gov.pt
البحث عن فرص عمل بأوروبا – https://ec.europa.eu/eures
خاتمة
الهجرة إلى البرتغال ليست مجرد مغامرة صعبة المنال، بل هي فرصة حقيقية وملموسة للمئات من الشباب العرب الساعين نحو بداية جديدة في بيئة أوروبية هادئة ومنفتحة. تحقيق النجاح هناك قد لا يكون بسيطًا، لكنه بالتأكيد في متناول اليد إذا صاحبته خطة محكمة، تعلم اللغة، واتباع أسلوب ذكي للبحث عن فرص العمل المتاحة.
سواء كنت طالبًا تسعى للتعلم، محترفًا تطمح لتوسيع آفاقك المهنية، أو شخصًا يتطلع لبداية حياة مختلفة، فإن البرتغال توفر أرضية واعدة لزرع مستقبلك الواعد، شرط أن تكون مستعدًا للعمل بجد والمثابرة لتحقيق أهدافك.